
يشهد قطاع التعليم العالي في الوقت الحالي تحولات غير مسبوقة مدفوعة بتسارع التطورات الرقمية واعتماد الذكاء الاصطناعي بشكل واسع، حيث بات تركيز الجامعات والمؤسسات التعليمية منصبًا على نقل العملية التعليمية من النمط التقليدي القائم على التلقين إلى تجربة تعليمية ذكية أكثر خصوصية وتنوعًا. يشير خبراء إلى أن هذا التحول يرتقي بجودة التعليم من خلال الأخذ بالاعتبار الفروق الفردية بين الطلاب ويعزز فاعلية التعلّم عبر استثمار التكنولوجيا الحديثة في تحليل البيانات وتخصيص المحتوى التعليمي.
وفي هذا السياق أوضح الدكتور محمد العامري، المستشار التربوي والتعليمي، أن العملية التعليمية لم تعد تقتصر على تقديم المحاضرات والجداول التقليدية، وإنما أصبحت تتسم بمرونة عالية تعتمد بشكل أساسي على تحليل بيانات الطلاب وتقديم مواد تعليمية تناسب احتياجاتهم الخاصة ومستوى تقدمهم الأكاديمي. وأكد العامري أن تقنيات مثل التعلّم التكيفي والتحليلات التنبؤية تتيح للجامعات متابعة مستويات الطلاب بشكل مستمر، والتنبؤ بمواطن التعثر المحتملة لديهم، حتى يتم تقديم الدعم الاستباقي المطلوب قبل أن تتفاقم المشكلات التعليمية.
وأضاف الدكتور العامري أن تقريرًا حديثًا لمنظمة Educause الأمريكية، المعنية بتكنولوجيا التعليم العالي، كشف أن حوالي 65 في المئة من مؤسسات التعليم العالي شرعت بالفعل في دمج حلول الذكاء الاصطناعي داخل أنظمتها وهو ما أسهم في تحقيق معدلات نجاح أعلى وتحسين درجة التفاعل بين الطلاب داخل الفصول الافتراضية. ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد يقتصر دوره على تطوير منظومة التدريس فقط، بل أصبح عنصرًا أساسيًا في دعم البحث العلمي من خلال معالجة كميات ضخمة من البيانات والمساهمة في إيجاد حلول مبتكرة لتحديات بحثية معقدة عبر مختلف التخصصات.
ولم يغب عن العامري الإشارة إلى وجود تحديات كبرى ترافق هذا التحول وعلى رأسها قضايا متعلقة بالخصوصية وحماية البيانات بالإضافة إلى ضرورة وضع إطار أخلاقي لاستخدام الخوارزميات في تقييم أداء الطلاب وعملياتهم التعليمية.
وأكد في حديثه أن استخدام الذكاء الاصطناعي داخل قطاع التعليم السعودي خرج من دائرة الخيارات التقنية، متحولًا إلى ضرورة لضمان تحقيق العدالة التعليمية والكفاءة المطلوبة لمواكبة متطلبات سوق العمل في ظل التحول الرقمي الشامل.