
في حي بدر الجنوب القديم، تقف قصبة المضمار شاهدة على تاريخ يمتد لأكثر من 300 عام، إذ تنتصب وسط أطلال البيوت الطينية وتحمل ذاكرة سكان المنطقة وأصالة العمارة التقليدية التي تميز محافظة بدر الجنوب. هذا المكان التراثي يعكس الأساليب المعمارية الطينية التي انتشرت في المنطقة وتحديدًا نمط القصبة، والذي يتميز بتصميمه الدائري غير المتناظر، حيث يبدأ بقاعدة واسعة ثم يضيق في الأدوار العلوية. ويرتبط هذا النمط الهندسي في الغالب بالدفاع والمراقبة، إذ كانت تشيد مثل هذه الأبراج وسط التجمعات السكانية لمراقبة الحقول والمزارع المحيطة، معروفة كذلك باسم الأبراج نظراً لوظيفتها المشابهة لأبراج الحراسة التقليدية.
تتكون القصبة اليوم من سبعة أدوار كاملة تطل على القرية القديمة ووادي بدر الجنوب، ويزداد تميزها مع إشرافها على جبل القهرة المحيط. القصبة خضعت أخيراً لأعمال ترميم واسعة تحت إشراف هيئة التراث المحلية، ضمن مبادرات تهدف إلى حماية المواقع التاريخية والمحافظة على الهوية الثقافية والمعمارية للمكان.
محافظة بدر الجنوب تضم إلى جانب القصبة العديد من المواقع الأخرى ذات الطابع الأثري، مثل بيوت الطوب القديمة وقلعة القشلة التي تتربع على قمة جبل القهرة وتوفر إطلالة بانورامية شاملة على مركز المحافظة والمنازل القديمة المجاورة. وبالقرب من هذه القلعة تبرز قصبة المضمار كبرج مرتفع يتوسط الأبنية الطينية القديمة، وكانت في الأساس نقطة مراقبة ودفاع عن القرية.
ومن بين المعالم الأخرى قصر الثغر، الذي يعود بناؤه إلى عصر الدولة السعودية الأولى، إذ شيد في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد عام 1221هجريًا. القصر مكون من أربعة أدوار ويحيط به جدار حجري كبير يحتوي على برج مراقبة وبئر عميقة، ما يمنحه أهمية معمارية وتاريخية بالغة.
تواصل هيئة التراث جهودها في منطقة نجران بالحفاظ على المواقع الأثرية والمباني التراثية، عبر أعمال التسجيل والتوثيق في السجل الوطني للآثار، إضافة إلى الترميم والتأهيل. تهدف هذه المبادرات إلى صون التراث الوطني وإبراز أهميته كجزء أصيل من المشهد الثقافي في المملكة.