
مدينة العلا السعودية حظيت خلال الأعوام الأخيرة باهتمام دولي كبير وتحولت من محافظة هادئة إلى إحدى الوجهات السياحية الأبرز حول العالم، فاستقطبت آلاف الزوار ممن يبحثون عن تجربة فريدة تجمع بين عراقة التاريخ وسحر الطبيعة وتنوع الفعاليات الثقافية، ما عزز من مكانتها كجوهرة متألقة وسط الصحراء وجعلها محط أنظار الباحثين عن المغامرة والاستكشاف. سلسلة مشاريع تطويرية ضخمة ارتقت بالعلا، من بنى تحتية وخدمات حديثة، إلى جانب المحافظة على المواقع الأثرية والتراثية العريقة، وهو ما دفعها لتتبوأ موقعاً مرموقاً على خريطة السياحة العالمية.
من الجوانب المهمة التي عززت جاذبية العلا موقعها الاستراتيجي، فهي كانت محطة أساسية على طريق البخور التجاري التاريخي الذي ربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وما زالت واحة العلا تمثل قلب المنطقة بخصوبتها وتنوعها البيئي النادر، حيث تلتقي مساحات من النخيل والأشجار الخضراء مع الصحراء القاحلة في مشهد فريد يلفت الأنظار، إلى جانب التنوع في المحميات الطبيعية والبيئات المختلفة التي تمثل عامل جذب لمحبي الطبيعة وعشاق المغامرات.
ومن أبرز معالم العلا الأثرية منطقة الحجر التي صنفتها اليونسكو كأول موقع سعودي ضمن قائمة التراث العالمي، وتضم مقابر الأنباط المنحوتة في الصخر بمهارة لافتة، وقصور أثرية شهيرة كقصر الفريد وقصر البنت، وكذلك معالم مملكة دادان ولحيان القديمة التي أظهرت اكتشافات أثرية لمبانٍ ومعابد تعكس ازدهار الحضارات المتعاقبة، إضافة إلى البلدة القديمة التي شهدت حركة تجارية نشطة وكانت مركزاً رئيسياً على الطرق القديمة، وما زالت مبانيها الضيقة تحتفظ بالطراز المعماري التراثي.
جبل عكمة أيضاً يعد من المواقع التاريخية الفريدة، إذ يضم آلاف النقوش الصخرية والكتابات القديمة التي تروي تفاصيل حياة الحضارات السابقة، فيما تتنوع التكوينات الصخرية الطبيعية بالعلا مثل جبل الفيل الذي يتميز بتشكيله الضخم المشابه للفيل، وصخرة القوس التي جاءت بشكل قوس طبيعي بفعل عوامل التعرية. وتتميز العلا بمزيج مذهل بين أراضيها الصحراوية وتشكيلاتها الصخرية النادرة، ما يجعلها محط أنظار الرحالة وعشاق المشاهد الطبيعية.
الفعاليات الفنية والثقافية باتت نقطة قوة إضافية للعلا، حيث صارت تستضيف على مدار السنة عدداً كبيراً من المهرجانات التي تجمع بين الفنون والثقافة والتراث، أبرزها مهرجان شتاء طنطورة الذي يقدم عروضاً واحتفالات متنوعة تسلط الضوء على ثقافة المنطقة الأصيلة، إلى جانب ورش الحرف اليدوية والعروض الأدبية التي تحول البلدة القديمة إلى متحف حي يثري تجربة الزوار ويمنحهم فرصة الاطلاع على جوانب من حياة المجتمع المحلي وتاريخه العريق.