سوق الثلاثاء في النماص: حكاية قرنين ترصدها عدسة عكاظ بتفاصيل مثيرة

سوق الثلاثاء في النماص: حكاية قرنين ترصدها عدسة عكاظ بتفاصيل مثيرة

مع حلول موسم الصيف، يتوافد الزوار والسياح إلى سوق الثلاثاء الشعبية بمحافظة النماص، حيث يبحث الكثيرون عن فرصة لاكتشاف التراث المحلي الأصيل والتعرف على تفاصيل الحياة القديمة التي تتجسد في أجواء السوق وروائح الكادي والريحان المنتشرة فيها. هذا السوق الذي يمتد تاريخه لأكثر من قرنين، عرف منذ نشأته باسم سوق ابن مدحان ليحمل لاحقاً اسم سوق الثلاثاء نسبة إلى اليوم الذي تقام فيه فعالياته الرئيسية، ويحتفظ حتى اليوم بمكانته كواحد من أعرق الأسواق الشعبية في منطقة عسير.

تستمر الحركة في هذا السوق طوال أيام الأسبوع، إلا أن يوم الثلاثاء يظل يوم الذروة، حيث يغدو السوق ملتقى كبيراً لأهالي النماص والزوار من مناطق أخرى. تتداخل في أرجائه أصوات الباعة والأهزوجات الشعبية مع عبق العطور والنباتات العطرية مثل البرك والريحان، في مشهد يعبّر عن الروح النابضة للمنطقة وتراثها العريق.

يقع السوق في قلب مدينة النماص، ويضم عشرات الدكاكين التي تقدم منتجات يدوية وحرفية تراثية تشمل المصنوعات الفخارية والمباخر المصنوعة من الخشب إلى جانب الملابس المزركشة التقليدية والعسل والسمن بأنواعه والقمح والتمور المتنوعة، ما يجعله وجهة جذابة لعشاق الأصالة. كما تنشط المحلات المخصصة لبيع الألعاب والملابس الشعبية المطرزة مثل الشيال والمكلفات، مستقطبة العائلات والأطفال الذين يجدون متعة في تجربة التسوق التقليدية.

الزوار يتجولون بين أركان السوق ليستمتعوا بمذاق المأكولات الشعبية ويشتروا الهدايا التذكارية ويتفاعلون مع الحرفيين المحليين الذين يعرضون مؤهلاتهم في صياغة المنتجات اليدوية. كما أن السوق يجذب محبي التصوير الراغبين في توثيق لحظات وسط أجواء مفعمة بالتراث والألوان والأزياء التقليدية التي تجسد هوية منطقة عسير.

تحرص الجهات السياحية على إبراز السوق ضمن قائمة الفعاليات الصيفية لما يحمله من أهمية ثقافية واقتصادية، خاصة في دعمه للأسر المنتجة والحرفيين المحليين. ويعد السوق نموذجاً لاستمرارية التراث في ذاكرة المجتمع المحلي، وجسراً يربط الأجيال بخصوصية الهوية العسيرية، مع استمراره في اجتذاب الأنظار وسط التطورات المتلاحقة وتجدد الحداثة المحيطة به.