الاستثمارات الأجنبية تغزو الدوري السعودي وتحدث نقلة نوعية في عالم كرة القدم

الاستثمارات الأجنبية تغزو الدوري السعودي وتحدث نقلة نوعية في عالم كرة القدم

يشهد الدوري السعودي للمحترفين مرحلة فارقة مع اقترابه من استقبال الاستثمارات الأجنبية والنظر في بيع ملكية أندية محلية لمستثمرين من خارج المملكة، وهي خطوة وصفت بأنها غير مسبوقة في تاريخ الكرة السعودية، وتأتي ضمن مساعي المملكة لتعزيز القدرة التنافسية وضمان الاستدامة المالية والرياضية للأندية في دوري روشن. يعمل هذا التحول على تحديث المشهد الرياضي المحلي، إذ تسعى السعودية إلى خلق بيئة احترافية تواكب الطموحات الإقليمية والعالمية في قطاع الرياضة وكرة القدم.

كشفت تقارير نشرتها شبكة The Athletic نقلاً عن الصحفي جوردان كامبل أن رابطة الدوري السعودي للمحترفين اقتربت من إتمام أول عملية بيع لنادي سعودي بشكل رسمي إلى جهات استثمارية أجنبية، الأمر الذي يمثل بداية لمرحلة جديدة من التحول في سياسات تملك الأندية. ويأتي ذلك امتداداً لموجة الخصخصة الثانية التي شهدتها المملكة العام الماضي، والتي شملت أندية مثل الأخدود والعروبة والخلود إضافة إلى أندية أخرى في الدرجات الأدنى ككل من الزلفي والنهضة والأنصار.

في عام 2023 شهدت الساحة الرياضية السعودية خطوة مهمة عندما استحوذ صندوق الاستثمارات العامة، وهو الصندوق السيادي للمملكة، على حصص الأغلبية في أربعة من الأندية البارزة على رأسها الهلال والنصر. هذا التحرك رسخ ملامح المشروع الوطني لكرة القدم وأفسح المجال لمشاركة رؤوس الأموال المحلية الخاصة إلى جانب الاستثمارات الحكومية.

مصادر صحفية أكدت أن المرحلة المقبلة سوف تشهد انتقال غالبية أندية دوري روشن الممتاز إلى الملكية الخاصة، حيث من المتوقع الإعلان عن أسماء الملاك الجدد في الفترة القادمة. وتستهدف المملكة من هذه الخطوة إيجاد منافسة عادلة وبيئة تحتية داعمة لاستدامة الإنجازات وأرباح الأندية مالياً ورياضياً على المدى الطويل.

في الوقت الذي حظي فيه الدوري السعودي باهتمام عالمي بعد انتقال نجوم بارزين أمثال كريستيانو رونالدو وكريم بنزيما ونيمار وسافيتش، أشار مراقبون إلى أن الدروس الأهم تكمن في أهمية الاستثمار بالبنية التحتية والتخطيط الاستراتيجي المستدام، وليس فقط استقطاب أسماء لامعة.

ظهرت أيضاً مشاريع رياضية ذات طموحات كبيرة في مدن سعودية مثل نيوم والعلا والدرعية. فقد نجحت نيوم، التي صعدت إلى دوري المحترفين هذا الموسم، في جذب لاعبين دوليين أمثال سعيد بن رحمة وألكسندر لاكازيت، ويتم العمل هناك على تطوير النادي ضمن إطار المدينة المستقبلية شمال غرب البلاد ليصبح محفزًا في عمليات التنمية الرياضية والاقتصادية. من ناحية أخرى، تتولى الهيئة الملكية تطوير العلا لتصبح وجهة سياحية رياضية عالمية، بينما تطمح الدرعية للتحول إلى مركز ثقافي ورياضة متكامل، ويجري الاستعانة بخبرات دولية مثل المدير الرياضي دوغي فريدمان لدعم خطط الصعود والنجاح.

البروفسور سايمون تشادويك من جامعة إيمليون أوضح أن السعودية لا ترغب فقط في ضخ الاستثمارات خارجياً بل تسعى أيضاً لإنشاء أصول رياضية وطنية تدر أرباحاً وتوفر فرص عمل داخلية، مشيرًا إلى أن الدوري الإنجليزي يمثل نموذجًا ناجحًا بعد أن حقق مداخيل تفوق ثمانية مليارات جنيه إسترليني لصالح الاقتصاد البريطاني، وأن السعودية تهدف لصناعة تأثير مماثل.

تترافق هذه التحولات مع إجراءات تطوير الإدارة الرياضية حيث أصبحت الرابطة مسؤولة عن الإشراف بدلاً من وزارة الرياضة، وتمضي المملكة في نهجها مع الاستمرار في ضخ الاستثمارات الذكية في صفقات اللاعبين والإدارة الفنية. وتطمح السعودية لتحقيق حضور عالمي يرسخ حضورها في المشهد الكروي الدولي، مستندة على إنجازات مثل انتصار الهلال على مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية كمنطلق لمزيد من الطموحات.